بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي
بعد الكلام على أوجه الفرق التي بين القرآن الكريم والحديث القدسي كان من باب إكمال الفائدة ذكر أوجه الفرق التي بين كل من الحديث القدسي والحديث النبوي.
وأول ما يسبق إليه الفهم من الكلام هو المسمى الاصطلاحي لكل من الحديث النبوي والقدسي فكل منهما حديث، ومخرج كل منهما واحد هو النبي صلى الله عليه وسلم، فكل منهما بلاغه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يفترقان في النسبة عند الإخبار.
فهذا صيغته على سبيل المثال يقول أو قال أو أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا أو وقع على صورة أخرى مثل فعل كذا وكذا إلى غير ذلك من طرق الرواية وأما الحديث القدسي فمثال صيغته نحو يقول الله عز وجل أو قال الله عز وجل أو يقول تعالى الله أو قال الله تعالى أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أو فيما يروي عن الله تعالى أو غير ذلك من الصيغ غير الصريحة.
ثم هناك فرق أخر وهو منصب في تعريف كل منهما فبينهما في ذلك عموم وخصوص فالمعنى واللفظ في الحديث النبوي من عند النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان بوحي من الله، إلهاماً أو غيره وقد يكون إجتهاداً من الرسولr أقره الله عليه ، وأما الحديث القدسي فالمعنى من عند الله عز وجل باتفاق واختلف في اللفظ.
وثم فرق آخر وهو أن الحديث النبوي ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والقدسي إلى الله عز وجل والرسول يقوله حاكيا عن الله تعالى، وإن كان كل ذلك متلقى من الله عز وجل كما قال تعالى(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)(1)
وهناك فرق آخر وهو أن الحديث القدسي في الغالب مداره في تعظيم الله سبحانه وتعالى أو في الترغيب في بيان الرحمة والمغفرة أو عظيم الثواب على أمر معين أو الترهيب من قبح فعل أو مذمة قول أو شدة عقاب متعلق بذلك، وأما الحديث النبوي فيتضمن كل ذلك مع جوانب أخرى منها ما يكون بيانا لبعض الأحكام أو اجتهادا منه صلى الله عليه وسلم بالقول أو غير ذلك.
ويفترق أيضا الحديث النبوي بأنه يضم إليه ويرتفع إليه ما يكون من أفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، ومن نظر إلى الأحاديث النبوية يجدها أكثر من الأحاديث القدسية بكثير جدا في جميع فروعها متواترة كانت أو آحادا ولما كانت أكثر من الأحاديث القدسية وضح كثرة الخدمة من أهل الحديث والفقه لها من استنباط أحكامها أو تبيين حالها أو وضع الاصطلاحات والحدود لتعاريفها وتفريعاتها
قال العلامة السيد أحمد بن المبارك رحمه الله تعالى: "الأحاديث القدسية تتعلق بالحق سبحانه وتعالى لتبيين عظمته أو لإظهار رحمته أو بالتنبيه على سعة ملكه وكثرة عطائه فمن الأول حديث (يا عبادي لو أن أو لكم وآخركم وإنسكم وجنكم ...) (2)وهو حديث أبي ذر في مسلم، ومن الثاني حديث (أعددت لعبادي الصالحين...) (3) الحديث ،ومن الثالث حديث (يد الله ملأى لا يغيضها نفقه سحاء الليل والنهار ...)(4) وهذه من علوم الروح في الحق سبحانه، وترى الأحاديث التي ليست بقدسية تتكلم على ما يصلح البلاد والعباد بذكر الحلال والحرام والحث على الامتثال بذكر الوعد والوعيد"(5)
قال الزرقاني: "الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور والحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول"(6)
مخلص البحث:
1- الحديث القدسي عند روايته يقيد باللفظ وأما الحديث عند الإطلاق في الاصطلاح فيقصد به النبوي
2- الحديث القدسي لفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من عند الله عز وجل على المشهور أما الحديث النبوي فمعناه ولفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان بوحي من الله تعالى.
3- الحديث القدسي غالبه يكون في الإلهيات والترغيب والترهيب ويقل في الأحكام الشرعية، أما الحديث النبوي فيشمل كل ذلك ويكثر في الأحكام الشرعية وأمور الآخرة
4- الأحاديث القدسية قليلة بالنسبة للأحاديث النبوية سواء كانت متواترة أو آحادا
5- الأحاديث القدسية قولية، أما الأحاديث النبوية فقولية وفعلية وتقريرية
(1) - النجم: 3، 4
(2) - أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم (2577) من حديث أبي ذر رضي الله عنه
(3) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة الجنة وأنها مخلوقة (3244)، كتاب تفسير القرآن، باب قوله (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) (4779، 4780)،كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله) (7498)، مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،وأخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2825) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه
(4) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (4684)، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (7411)، باب (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) ... (7419)، مسلم: كتاب الزكاة، باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف (993)
(5) - انظر قواعد التحديث للقاسمي (65، 66)
(6) - مناهل العرفان (1/37)
اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي
بعد الكلام على أوجه الفرق التي بين القرآن الكريم والحديث القدسي كان من باب إكمال الفائدة ذكر أوجه الفرق التي بين كل من الحديث القدسي والحديث النبوي.
وأول ما يسبق إليه الفهم من الكلام هو المسمى الاصطلاحي لكل من الحديث النبوي والقدسي فكل منهما حديث، ومخرج كل منهما واحد هو النبي صلى الله عليه وسلم، فكل منهما بلاغه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يفترقان في النسبة عند الإخبار.
فهذا صيغته على سبيل المثال يقول أو قال أو أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا أو وقع على صورة أخرى مثل فعل كذا وكذا إلى غير ذلك من طرق الرواية وأما الحديث القدسي فمثال صيغته نحو يقول الله عز وجل أو قال الله عز وجل أو يقول تعالى الله أو قال الله تعالى أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أو فيما يروي عن الله تعالى أو غير ذلك من الصيغ غير الصريحة.
ثم هناك فرق أخر وهو منصب في تعريف كل منهما فبينهما في ذلك عموم وخصوص فالمعنى واللفظ في الحديث النبوي من عند النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان بوحي من الله، إلهاماً أو غيره وقد يكون إجتهاداً من الرسولr أقره الله عليه ، وأما الحديث القدسي فالمعنى من عند الله عز وجل باتفاق واختلف في اللفظ.
وثم فرق آخر وهو أن الحديث النبوي ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والقدسي إلى الله عز وجل والرسول يقوله حاكيا عن الله تعالى، وإن كان كل ذلك متلقى من الله عز وجل كما قال تعالى(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)(1)
وهناك فرق آخر وهو أن الحديث القدسي في الغالب مداره في تعظيم الله سبحانه وتعالى أو في الترغيب في بيان الرحمة والمغفرة أو عظيم الثواب على أمر معين أو الترهيب من قبح فعل أو مذمة قول أو شدة عقاب متعلق بذلك، وأما الحديث النبوي فيتضمن كل ذلك مع جوانب أخرى منها ما يكون بيانا لبعض الأحكام أو اجتهادا منه صلى الله عليه وسلم بالقول أو غير ذلك.
ويفترق أيضا الحديث النبوي بأنه يضم إليه ويرتفع إليه ما يكون من أفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، ومن نظر إلى الأحاديث النبوية يجدها أكثر من الأحاديث القدسية بكثير جدا في جميع فروعها متواترة كانت أو آحادا ولما كانت أكثر من الأحاديث القدسية وضح كثرة الخدمة من أهل الحديث والفقه لها من استنباط أحكامها أو تبيين حالها أو وضع الاصطلاحات والحدود لتعاريفها وتفريعاتها
قال العلامة السيد أحمد بن المبارك رحمه الله تعالى: "الأحاديث القدسية تتعلق بالحق سبحانه وتعالى لتبيين عظمته أو لإظهار رحمته أو بالتنبيه على سعة ملكه وكثرة عطائه فمن الأول حديث (يا عبادي لو أن أو لكم وآخركم وإنسكم وجنكم ...) (2)وهو حديث أبي ذر في مسلم، ومن الثاني حديث (أعددت لعبادي الصالحين...) (3) الحديث ،ومن الثالث حديث (يد الله ملأى لا يغيضها نفقه سحاء الليل والنهار ...)(4) وهذه من علوم الروح في الحق سبحانه، وترى الأحاديث التي ليست بقدسية تتكلم على ما يصلح البلاد والعباد بذكر الحلال والحرام والحث على الامتثال بذكر الوعد والوعيد"(5)
قال الزرقاني: "الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور والحديث النبوي أوحيت معانيه في غير ما اجتهد فيه الرسول والألفاظ من الرسول"(6)
مخلص البحث:
1- الحديث القدسي عند روايته يقيد باللفظ وأما الحديث عند الإطلاق في الاصطلاح فيقصد به النبوي
2- الحديث القدسي لفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من عند الله عز وجل على المشهور أما الحديث النبوي فمعناه ولفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان بوحي من الله تعالى.
3- الحديث القدسي غالبه يكون في الإلهيات والترغيب والترهيب ويقل في الأحكام الشرعية، أما الحديث النبوي فيشمل كل ذلك ويكثر في الأحكام الشرعية وأمور الآخرة
4- الأحاديث القدسية قليلة بالنسبة للأحاديث النبوية سواء كانت متواترة أو آحادا
5- الأحاديث القدسية قولية، أما الأحاديث النبوية فقولية وفعلية وتقريرية
(1) - النجم: 3، 4
(2) - أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم (2577) من حديث أبي ذر رضي الله عنه
(3) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة الجنة وأنها مخلوقة (3244)، كتاب تفسير القرآن، باب قوله (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) (4779، 4780)،كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله) (7498)، مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،وأخرجه مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2825) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه
(4) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (4684)، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (7411)، باب (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) ... (7419)، مسلم: كتاب الزكاة، باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف (993)
(5) - انظر قواعد التحديث للقاسمي (65، 66)
(6) - مناهل العرفان (1/37)
اللهم اغفر لكاتبها وناقلها,وقارئها واهلهم وذريتهم واحشرهم معا سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم