مــدخـــل :
سئل الإمام ابن باز -رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى- سؤالاً من امرأة تقول :
لقد تزوجت برجل من مدة ست وعشرين سنة، وأنجبت منه ابنين وأربع بنات، وقد مكثنا عشر سنوات على خير ما يرام، وبعدها بدأت ألاحظ على زوجي تغيراً في عينه، مما جعلني أخاف من ذلك وأكره هذا المنظر ولا أطيقه، وإذا دخل علي في البيت أرى كأن في عينيه ناراً، مما يجعلني لا أطيق الاجتماع به ولا السير معه، ولا أجلس معه من أجل الخوف الذي يساورني إذا رأيته؛ لأنه في حالة غير طبيعية مما أشاهده في عيونه ... إلخ .
فأجاب الشيخ -رحمه الله- إجابة شافية قال فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالذي أرى في مثل هذا عرض الحالة على من تظنين أن عنده خبره بهذا المرض النفسي الذي حدث لك، لعله يجد علاجاً لهذا، هذا مرض نفسي يعرض على أطباء العلاج النفس، علاج الأمراض النفسية لعله يجد لك علاجا .
ثم ذكر -رحمه الله- العلاج بالرقية الشرعية وطريقته وفضله ، وفصّل في ذلك .
ثم قال أيض في طرق علاج هذا المرض :
ونرجو لك الشفاء وإن عرضت نفسك على بعض الأطباء النفس رجال أو نساء وأخبرتيهم بالواقع ربما يكون عندهم شيء من العلاج، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
( نقلاً من موقع الإمام ابن باز الرسمي )
صلب الموضوع :
الكثير والكثير من أخبار صحفنا وإعلامنا المسموع والمرئي تأتي وتتحفنا بما لديها من مساوئ الأعمال وجرائم الأخبار .
بل في كل يوم نشنِّف أسماعنا ونتحف أنظارنا بأخبار الجرائم وبراكين الدماء .
والكل في هذه الجرائم يصيح ويرجف ويقول :
عاقبوا الجاني واقتلوه ، بل اصلبوه ومثلوا بجثته !!
لأن من المتعارف عليه أن الجاني هو من ينال جزاء جرمه ، وهذا هو الحق .
أما أنا -والعياذ بالله من قول السوء- أرى أن بعض تلك الأخبار يتحمل غير المجرم تبعات الجريمة ، وأطالب بمعاقبة غير الجاني !!
سأفصل لكم -والله المستعان- :
نرى بعضاً من تلك الأخبار التي انتشرت وبشكل لافت مؤخراً ، تحمل في قوائم مجرميها فئة غالية ، تلكم الفئة التي أطلق عليها لقب " المرضى النفسيون " .
ففي الرياض جريمة قتل ترتكب من شخص ولكن ... اتضح أنه يعاني من مرض نفسي !!
وفي الخبر صورة شخص مفقود يرجى ممن يعثر عليه الإبلاغ عنه ولكن ... يعاني من مرض نفسي !!
وفي مكة يتعرض شخص للدهس ولكن ... لأنه مريض نفسي !!
وفي جازان شاب ينتحر شنقاً ولكن ... اتضح أنه يعاني من مرض نفسي !!
و الأخبار في تزايد ، والجاني الحقيقي يسرح ويمرح .
والمشكلة تتدرج ، وأحبابنا ممن ابتلاهم الله بتلك الأمراض -النفسية- تكثر عندهم مشاكل الإنتحار والخروج المتكرر من البيت ، وكذلك إيذاء الآخرين بضربهم وقتلهم أحياناً ، بل وإزهاق أنفسهم انتحاراً .
ألا تتفقون أن المجرم هنا ليس هو الملام ، بقدر ما يلام أقاربه ؟؟
ألا ترون معي أن الجاني الحقيقي والمجرم الحق هو ولي المريض ؟؟
لذا يرجى ممن ابتلاه الله بقريب بلغ منه المرض النفسي مبلغاً عظيماً أن يقوم بزيارة العيادات النفسية الحكومية أو الخاصة ، وذلك لمعالجة مريضهم النفسي ، قبل أن يوضع خبراً طرياً في أحد أعمدة الجريدة ، إما شانقاً لنفسه في غرفته أو قاتلاً أو تائهاً يرجى البحث عنه !!
ما يؤسفني في هذا الموضوع أننا -وللأسف- لازلنا نفتقد لثقافة الطب النفسي .
فبعض أقارب هذا المريض يرون أن الطب النفسي هو الكلمة المرادفة لبياع المخدرات !!
فأدويتهم كلها إدمان ، وعلاجاتهم كلها حبوب مهلوسة ، ووصفاتهم شرور مهلكة .
لذا ووفق هذه النظرية الحمقاء يبتعد الأهل عن علاج مريضهم خوفاً عليه من أولئك المجرمين !!
وبعضهم يرى أن الطب النفسي هو للمتخلفين والمجانين فقط !!
فلا يراجعه إلا من مسخ عقله ، وطار لبه ، وأصبح لا يفرق بين يده ورجله !!
فيفضلون أن يمكث في المنزل ، بعيداً عن المتخلفين والمجانين .
والنتيجة من هذا التصرف أن المرض يزداد ، والحالة تستصعب ، وهو بتلك الحالة أشبه ما يكون بـ (القنبلة الموقوتة) لا نعلم متى سيكون انفجارها !!
فتجد المريض يتقطع -نـَفسَاً- من الداخل ، وتزداد علله عللاً ، وتتدرج حالته في دركات السوء ، ولكن لا حراك ولا حياة.
فيا أهل المريض النفسي :
أخوفكم بالله العزيز القهار ، أن تتقوا الله في مريضكم ، وعالجوه قبل أن يضركم أو يضر نفسه .
وتذكروا أن النفس تمرض كما يمرض العضو ، وقد يكون مرض النفس أشد من مرض العضو .
واتركوا عنكم شخصية الفقير المتكبر والذي يرى أنه بحاجة للمال ومع ذلك يكابر !!
فمريضكم أحوج ما يكون إلى العلاج ، فعالجوه مادام في الأمر فسحة ، ومادام الحل بيدكم ، قبل أن يكون الحل بيد غيركم .
لا ننسى أن أحبابنا من المرضى قد يستغلون استغلالاً فاحشاً .
فقد يرتكب في حقهم الفواحش خصوصاً إن كانت المريضة إمرأة !!
وقد يجرفهم تيار المجرمين أصحاب المخدرات فيقوموا باستخدامهم عمالة لتوصيل سمومهم !!
لذ فأنا أطالب الجهات المسؤولة بالضرب بيد من حديد على أولياء المريض النفسي .
وذلك حينما يعثر على مريض نفسي في الشارع تائهاً أن يؤخذ إلى عيادة الطب النفسي .
ولا يكتفى بذلك بل تأخذ الجهات الأمنية تعهداً خطياً من ولي المريض بمعالجته وعدم تركه لقمة سائغة لكل مفسد .
نقطة في آخر السطر :
بعدما فرغت من كتابة أسطري تفرغت لقراءة إحدى صحفنا ، فوجدت فيها خبراً طرياً عن مريض نفسي أراد أن ينتحر !!
وخبراً آخر قد زين الصحيفة كتب فيه :
مريض نفسي يقتل شقيقه الأكبر !!
فهل تلوموني على أن طالبت بالقصاص من غير الجاني ؟؟!!
م/ن
سئل الإمام ابن باز -رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى- سؤالاً من امرأة تقول :
لقد تزوجت برجل من مدة ست وعشرين سنة، وأنجبت منه ابنين وأربع بنات، وقد مكثنا عشر سنوات على خير ما يرام، وبعدها بدأت ألاحظ على زوجي تغيراً في عينه، مما جعلني أخاف من ذلك وأكره هذا المنظر ولا أطيقه، وإذا دخل علي في البيت أرى كأن في عينيه ناراً، مما يجعلني لا أطيق الاجتماع به ولا السير معه، ولا أجلس معه من أجل الخوف الذي يساورني إذا رأيته؛ لأنه في حالة غير طبيعية مما أشاهده في عيونه ... إلخ .
فأجاب الشيخ -رحمه الله- إجابة شافية قال فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالذي أرى في مثل هذا عرض الحالة على من تظنين أن عنده خبره بهذا المرض النفسي الذي حدث لك، لعله يجد علاجاً لهذا، هذا مرض نفسي يعرض على أطباء العلاج النفس، علاج الأمراض النفسية لعله يجد لك علاجا .
ثم ذكر -رحمه الله- العلاج بالرقية الشرعية وطريقته وفضله ، وفصّل في ذلك .
ثم قال أيض في طرق علاج هذا المرض :
ونرجو لك الشفاء وإن عرضت نفسك على بعض الأطباء النفس رجال أو نساء وأخبرتيهم بالواقع ربما يكون عندهم شيء من العلاج، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
( نقلاً من موقع الإمام ابن باز الرسمي )
صلب الموضوع :
الكثير والكثير من أخبار صحفنا وإعلامنا المسموع والمرئي تأتي وتتحفنا بما لديها من مساوئ الأعمال وجرائم الأخبار .
بل في كل يوم نشنِّف أسماعنا ونتحف أنظارنا بأخبار الجرائم وبراكين الدماء .
والكل في هذه الجرائم يصيح ويرجف ويقول :
عاقبوا الجاني واقتلوه ، بل اصلبوه ومثلوا بجثته !!
لأن من المتعارف عليه أن الجاني هو من ينال جزاء جرمه ، وهذا هو الحق .
أما أنا -والعياذ بالله من قول السوء- أرى أن بعض تلك الأخبار يتحمل غير المجرم تبعات الجريمة ، وأطالب بمعاقبة غير الجاني !!
سأفصل لكم -والله المستعان- :
نرى بعضاً من تلك الأخبار التي انتشرت وبشكل لافت مؤخراً ، تحمل في قوائم مجرميها فئة غالية ، تلكم الفئة التي أطلق عليها لقب " المرضى النفسيون " .
ففي الرياض جريمة قتل ترتكب من شخص ولكن ... اتضح أنه يعاني من مرض نفسي !!
وفي الخبر صورة شخص مفقود يرجى ممن يعثر عليه الإبلاغ عنه ولكن ... يعاني من مرض نفسي !!
وفي مكة يتعرض شخص للدهس ولكن ... لأنه مريض نفسي !!
وفي جازان شاب ينتحر شنقاً ولكن ... اتضح أنه يعاني من مرض نفسي !!
و الأخبار في تزايد ، والجاني الحقيقي يسرح ويمرح .
والمشكلة تتدرج ، وأحبابنا ممن ابتلاهم الله بتلك الأمراض -النفسية- تكثر عندهم مشاكل الإنتحار والخروج المتكرر من البيت ، وكذلك إيذاء الآخرين بضربهم وقتلهم أحياناً ، بل وإزهاق أنفسهم انتحاراً .
ألا تتفقون أن المجرم هنا ليس هو الملام ، بقدر ما يلام أقاربه ؟؟
ألا ترون معي أن الجاني الحقيقي والمجرم الحق هو ولي المريض ؟؟
لذا يرجى ممن ابتلاه الله بقريب بلغ منه المرض النفسي مبلغاً عظيماً أن يقوم بزيارة العيادات النفسية الحكومية أو الخاصة ، وذلك لمعالجة مريضهم النفسي ، قبل أن يوضع خبراً طرياً في أحد أعمدة الجريدة ، إما شانقاً لنفسه في غرفته أو قاتلاً أو تائهاً يرجى البحث عنه !!
ما يؤسفني في هذا الموضوع أننا -وللأسف- لازلنا نفتقد لثقافة الطب النفسي .
فبعض أقارب هذا المريض يرون أن الطب النفسي هو الكلمة المرادفة لبياع المخدرات !!
فأدويتهم كلها إدمان ، وعلاجاتهم كلها حبوب مهلوسة ، ووصفاتهم شرور مهلكة .
لذا ووفق هذه النظرية الحمقاء يبتعد الأهل عن علاج مريضهم خوفاً عليه من أولئك المجرمين !!
وبعضهم يرى أن الطب النفسي هو للمتخلفين والمجانين فقط !!
فلا يراجعه إلا من مسخ عقله ، وطار لبه ، وأصبح لا يفرق بين يده ورجله !!
فيفضلون أن يمكث في المنزل ، بعيداً عن المتخلفين والمجانين .
والنتيجة من هذا التصرف أن المرض يزداد ، والحالة تستصعب ، وهو بتلك الحالة أشبه ما يكون بـ (القنبلة الموقوتة) لا نعلم متى سيكون انفجارها !!
فتجد المريض يتقطع -نـَفسَاً- من الداخل ، وتزداد علله عللاً ، وتتدرج حالته في دركات السوء ، ولكن لا حراك ولا حياة.
فيا أهل المريض النفسي :
أخوفكم بالله العزيز القهار ، أن تتقوا الله في مريضكم ، وعالجوه قبل أن يضركم أو يضر نفسه .
وتذكروا أن النفس تمرض كما يمرض العضو ، وقد يكون مرض النفس أشد من مرض العضو .
واتركوا عنكم شخصية الفقير المتكبر والذي يرى أنه بحاجة للمال ومع ذلك يكابر !!
فمريضكم أحوج ما يكون إلى العلاج ، فعالجوه مادام في الأمر فسحة ، ومادام الحل بيدكم ، قبل أن يكون الحل بيد غيركم .
لا ننسى أن أحبابنا من المرضى قد يستغلون استغلالاً فاحشاً .
فقد يرتكب في حقهم الفواحش خصوصاً إن كانت المريضة إمرأة !!
وقد يجرفهم تيار المجرمين أصحاب المخدرات فيقوموا باستخدامهم عمالة لتوصيل سمومهم !!
لذ فأنا أطالب الجهات المسؤولة بالضرب بيد من حديد على أولياء المريض النفسي .
وذلك حينما يعثر على مريض نفسي في الشارع تائهاً أن يؤخذ إلى عيادة الطب النفسي .
ولا يكتفى بذلك بل تأخذ الجهات الأمنية تعهداً خطياً من ولي المريض بمعالجته وعدم تركه لقمة سائغة لكل مفسد .
نقطة في آخر السطر :
بعدما فرغت من كتابة أسطري تفرغت لقراءة إحدى صحفنا ، فوجدت فيها خبراً طرياً عن مريض نفسي أراد أن ينتحر !!
وخبراً آخر قد زين الصحيفة كتب فيه :
مريض نفسي يقتل شقيقه الأكبر !!
فهل تلوموني على أن طالبت بالقصاص من غير الجاني ؟؟!!
م/ن