حرب الاستخبارات بين ايران واسرائيل وامريكا: الشرق الاوسط يغلي على نار بانتظار الصفقة القادمة
جميل القرشي
وعد السيد حسن نصر الله ـ بأسلوبه المعروف الموحي بصدق وعوده دوما ـ وعد بكشف قرائن خطيرة حول تورط اسرائيل في اغتيال رفيق الحريري، وقال جملة كانت بالنسبة لي مفتاح فهم مؤتمر نصر الله الصحافي حين قال 'وسنكشف ولأول مرة اسرار احدى عمليات المقاومة'، وفعلا خرج على الناس بمؤتمر صحافي كشف من خلاله بالصوت والقول والصورة والتعليق والتهديد والتحليل والتمرير كل ما اراد ان يكشف عنه ـ بالحد المسوح له ـ وبدأت الناس تتعالى أصواتهم، أهمهم الزملاء الصحافيون، كلهم يركز على المحكمة الدولية لاغتيال الحريري ووضع لبنان الداخلي، والتحذير من الفتنة، وما الى ذلك مما يتعلق بالمحكمة الدولية والوضع اللبناني الداخلي، الا اني اقرأ في مؤتمر نصر الله بعدا آخر، ليس له علاقة لا بالمحكمة الدولية ولا باغتيال الحريري ولا بلبنان كله.
مفاهيم لا بد منها
اقرأ في مؤتمر نصر الله، خطوة كبيرة في حرب الاستخبارات بين ايران وإسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وحتى نفهم فحوى هذه الخطوة المهمة على الواقع تجــــدر الاشارة الى جملة من المفاهيم الضرورية لفهم التراسل الخفي بين الدول في حالة الصراع بشكل عام وبين ايران واسرائيل والولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص فالخطوة بعمقها الاستراتيجي تعني الكثير الكثير.
المفهوم الاول: عندما اخترع الانسان جملة من الاختراعات الالكترونية، الاقمار الصناعة، الكمبيوتر، الانترنت، الاتصالات..الخ وبحسب الجانب الاناني من شخصيته احب الجانب الذي يريده والجانب الذي افاده وتعامى عن الجانب الآخر الا وهو' الآثار الجانبية والخلفية' لاختراعاته، وها هو الزمن يثبت ان ما قام باختراعه ليستفيد منه جر عليه الويلات الكثيرة، فقد ثبت ان جميع هذه الانظمة الالكترونية ما زالت هشة وغير متماسكة وغير موثوقة والاعتماد عليها في الكثير من العمل التحتي اعتماد على سحابة صيف هاربة، وما تجربة تسريب وثائق لموقع ويكيليكيس ومؤتمر نصر الله الا جانب يسير من' الاثار الجانبية والخلفية' لهذه الاختراعات، وهذا مما يعرفه الناس فما بالنا بما هو مقتصر على الدوائر الاستخباراتية.
المفهوم الثاني: حينما' تجعجع' اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية فاعلم ان' المجعجع' عليه لا قيمة له ولا اعتبار، فهاتان الدولتان الخبيرتان في الفهم والدراسات والابحاث وما الى ذلك من ادوات العمل السياسي تعلم تماما متى تعلي الصوت ومتى تدخل في حالة 'لاصوت' وتحسن استخدام كاتم الصوت السياسي وفي توقيت معين لخدمة اهداف واقعية معينة، وأما حينما تستخدم كاتم الصوت هذا وتصمت فاعلم ان الامر جلل، وهو تماما ما حدث بعد مؤتمر نصر الله، اذ اننا شهدنا استخداما لكاتم الصوت السياسي على كل المحاور ومن كل الاتجاهات، وهو ما يقلقني حقا ويدفعني الى الاعتقاد ان المشهد الشرق اوسطي بات يغلي على نار ليست هادئة، ما لم تتم الصفقة الشرق اوسطية القادمة!
المفهوم الثالث: حينما نرى او نسمع او نشاهد نصر الله، فنحن لا نشاهد شخصا يقف امامنا بأي ايحائية يريدها هو، انما نحن نشاهد مؤسسات ودوائر ابحاث ودراسات ودوائر مخابراتية ثلاثا، ونشاهد نظاما سياسيا نشطا فعالا، قائما على استخدام منهاج سياسي مقاوم ونظام مقاومة مسيس له وجهة نظره وايديولوجيته واجندته وادواته ورجاله واسلحته وبنيته التحتية الطويلة العريضة كما هو الحال تماما لدى إسرائيل والولايات المتحدة، نصيب اللبنانين حينما خرج نصر الله للناس في مؤتمره الاخير لا يتعدى 10 في المائة من هذا الخروج أما النسبة الباقية فهي لأبعد مما تظن ويظن الناس.
المفهوم الرابع: المنطقة الشرق اوسطية هذه الايام تغلي بشكل غير مسبوق وميزة الغليان الحالي انه يغلي على مراجل نووية، وحروب وجود وعدم وجود، وتحالفات اعداء مع اعداء، وصراع موالاة مع موالاة، المنطقة غير ما كانـــت عليه قبل عشر سنوات خلت، فالمنطقة حبلى بتغيرات ثورانية والنصر فيها على ما ارى ليس لاية جهة موجودة الان، بل هي تتجه الى حالة من الابتلاع الكامل لكل ما هو موجود بهدف اخراج ما ليس موجودا ولا يحس به احد.
المفهوم الخامس: لا عدو في السياسة كما لا صديق ولا موالي ولا معادي في عالم السياسة، الحجر ينطق والحديد ينطق واللسان يصمت ولا يجيل بصرا ولا نظرا ولا معنى، فمن البساطة ان نصحو على نصر الله وقد مدح تصرفا امريكيا ـ عما قريب كما ارى ـ ومن المتوقع ان نشهد مؤتمرا قبل صيف العام القادم يجلس فيه النادي النووي يرحب بضيف جديد وفق معادلة متفق عليها، ومن المتوقع جدا ان نشهد قبل ذلك بقليل كماشة امريكية ايرانية على الوطن العربي ويعود شاه ايران بلحية وعمامة وجبة جديدة، كل ذلك ممكن في عالم السياسة واذا شككت في اي من ذلك فانظر الى الحب الامريكي الياباني الحالي وقل سبحان الله.
المفهوم السادس والاخير: الحريري قتل باتفاق امريكي عربي بتنفيذ مشترك اسرائيلي لبناني شارك فيه بالمعرفة والصمت جميع اطياف العمل السياسي اللبناني، فالجميع شارك وحين تم الامر بدأ الجميع يهدد الجميع بكشف امره وذلك للدخول في مرحلة ضرورية للتشويه الاعلامي والسياسي ـ الذي سيزول عما قريب ايضا ـ بهدف ازاغة الانظار عما يحدث في واضحة النهار من احكام للكماشة القادمة.
حرب الاستخبارات
بعد اعتبار هذه المفاهيم التي اوردتها هنا فإن جواب السؤال القائل: لماذا تأخر حسن نصر الله في كشف هذه القرائن بات يظهر شيئا فشيئا والسبب الحقيقي أن نصر الله لم يكشف هذه الاشرطة والصور بغية تبيان تورط اسرائيل وهي حقا متورطة في مقتل الحريري، بل كشف ذلك لايصال رسالة استخباراتية من جانب ايران متفق ومخطط لها بدقة للجانب الامريكي الذي يستعمل نفس الادوات في الخليج العربي عليها، وهو ذات ما تستخدمه إسرائيل نفسها، وهذه الرسالة تقول'نحن استطعنا ان نصل الى ادواتكم الالكترونية التجسسية ونحن لدينا الكثير من اشرطة التجسس التي قمتم بها على العالم العربي وقادته وكذلك نمتلك اشرطة لما رصدتم من مواقعنا الحساسة، لهذا انتبهوا نحن في صورة الحدث، نحن 'صاحيين' ولدينا كثير مخفي، الذي من الممكن استخدامه في وقته'.
اذن الخطوة كانت خطوة استخباراتية بحتة عرابها نصر الله هذه المرة، وليس لها علاقة بمقتل الحريري واما مقتل الحريري فمن المستحيل ان يكشف من قتله في يوم من الايام بسبب الاتفاق على ذلك من الجميع ورضى الجميع وهو أمر منته لن يعود معه الشركاء لفضحه من جديد، وأما ما قاله نصر الله حول قرائن مقتل الحريري فهذه من قبيل ضرب العصفورين بحجر واحد واختيار الزمان والمكان المناسبين لعرض ما يريد. وتدفعني الاسباب التالية الى الاعتقاد بهذا:
السبب الاول: سبق واتهم اكثر من شخص من حزب الله بالتورط في مقتل الحريري وكان رد نصر الله، كلاما انشائيا وعاطفيا لا قيمة قانونية له.
السبب الثاني: قرار الاتهام الظني لا يعني بأي شكل من الاشكال القانونية اتهاما قانونيا ولن يقود الى حبس متهمين ولا يعدو عن كونه استقدام متهم بالظن لاستجوابه فقط.
السبب الثالث: حتى على افتراض اتهام حقيقي لاحد قادة حزب الله فان المسألة لا ترقى الى كشف اسرار عمليات مقاومة بهذه الحساسية لا سيما وان حزب الله كمؤسسة بهذه الضخامة قادرة على تزويد المحكمة بالف حجة غياب على ان المدعو فلان كان في جزر فيجي في اجازة، او في مستشفى كذا لتلقي العلاج وكشف دوري للصحة.
السبب الرابع: الموقف والعقيدة الراسخة لحزب الله انه لو اجتمع جميع اهل لبنان على حزب الله فانه يرى انه قادر عليهم، وان اصبح دولة قائمة كاملة وصلت لدرجة رفض اخضاع اتصالاتها لاشراف الدولة وكشف السبب وراء ذلك من تورط العشرات بالتجسس لصالح اسرائيل والسؤال يقول ترى لماذا هذا الكشف السريع والمتعدد والفوري لهؤلاء العملاء بالجملة حال طلب الدولة اللبنانية لاخضاع اتصالات حزب الله لاشراف الدولة؟ ولماذا لم يقم حزب الله بتحريك اصدقائه في الجيش واستخبارات الجيش قبل ذلك؟
اذن نجح نصر الله كعراب استخباراتي فعلا في ايصال رسالة استخباراتية مهمة للجانب الاسرائيلي ـ الامريكي مفادها، 'طولوا بالكم' واياكم ان تقوموا بضرب ايران الان لأن ضرب ايران الان سيؤدي مما يؤديه الى عشرات النتائج الوخيمة على الجانب الاسرائيلي الامريكي ليس اقلها كشف العشرات من الاشرطة لما تقوم به امريكا من تجسس على حلفائها 'الحبايب'، وإيران تريد ثمنا مقنعا لضرب المفاعل النووي ومفاعل نووي محدد بالذات منتقى بعناية!
هنالك رائحة صفقة امريكية ـ ايرانية قريبة، بعد الهدية العراقية لايران بعد الانسحاب الامريكي الهادئ، واعتقد ان مؤتمر نصر الله قام بفتح اجندة هذه الصفقة واسس لها، واشتم دور غير عربي لتمتين 'مسمار' الكماشة الايرانية الامريكية، حتى لو كان الثمن مفاعلا نوويا ايرانيا كلف جبلا من الدولارات.
ايران تريد ثمن الضربة على ما يبدو، وها هي تلوح من خلال نصر الله عما تريده وتنتظر بنفس الطريقة الامريكية الكلاسيكية للقضاء الامريكي العرض الامريكي القادم، اليس من السذاجة ان يمر بالخاطر ان تلغي امريكا عصاها في المنطقة والتخويف بــ'الغول' القادم من الشرق بقتله؟ من سيصدق هذا في هذا الوقت؟
جميل القرشي
وعد السيد حسن نصر الله ـ بأسلوبه المعروف الموحي بصدق وعوده دوما ـ وعد بكشف قرائن خطيرة حول تورط اسرائيل في اغتيال رفيق الحريري، وقال جملة كانت بالنسبة لي مفتاح فهم مؤتمر نصر الله الصحافي حين قال 'وسنكشف ولأول مرة اسرار احدى عمليات المقاومة'، وفعلا خرج على الناس بمؤتمر صحافي كشف من خلاله بالصوت والقول والصورة والتعليق والتهديد والتحليل والتمرير كل ما اراد ان يكشف عنه ـ بالحد المسوح له ـ وبدأت الناس تتعالى أصواتهم، أهمهم الزملاء الصحافيون، كلهم يركز على المحكمة الدولية لاغتيال الحريري ووضع لبنان الداخلي، والتحذير من الفتنة، وما الى ذلك مما يتعلق بالمحكمة الدولية والوضع اللبناني الداخلي، الا اني اقرأ في مؤتمر نصر الله بعدا آخر، ليس له علاقة لا بالمحكمة الدولية ولا باغتيال الحريري ولا بلبنان كله.
مفاهيم لا بد منها
اقرأ في مؤتمر نصر الله، خطوة كبيرة في حرب الاستخبارات بين ايران وإسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وحتى نفهم فحوى هذه الخطوة المهمة على الواقع تجــــدر الاشارة الى جملة من المفاهيم الضرورية لفهم التراسل الخفي بين الدول في حالة الصراع بشكل عام وبين ايران واسرائيل والولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص فالخطوة بعمقها الاستراتيجي تعني الكثير الكثير.
المفهوم الاول: عندما اخترع الانسان جملة من الاختراعات الالكترونية، الاقمار الصناعة، الكمبيوتر، الانترنت، الاتصالات..الخ وبحسب الجانب الاناني من شخصيته احب الجانب الذي يريده والجانب الذي افاده وتعامى عن الجانب الآخر الا وهو' الآثار الجانبية والخلفية' لاختراعاته، وها هو الزمن يثبت ان ما قام باختراعه ليستفيد منه جر عليه الويلات الكثيرة، فقد ثبت ان جميع هذه الانظمة الالكترونية ما زالت هشة وغير متماسكة وغير موثوقة والاعتماد عليها في الكثير من العمل التحتي اعتماد على سحابة صيف هاربة، وما تجربة تسريب وثائق لموقع ويكيليكيس ومؤتمر نصر الله الا جانب يسير من' الاثار الجانبية والخلفية' لهذه الاختراعات، وهذا مما يعرفه الناس فما بالنا بما هو مقتصر على الدوائر الاستخباراتية.
المفهوم الثاني: حينما' تجعجع' اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية فاعلم ان' المجعجع' عليه لا قيمة له ولا اعتبار، فهاتان الدولتان الخبيرتان في الفهم والدراسات والابحاث وما الى ذلك من ادوات العمل السياسي تعلم تماما متى تعلي الصوت ومتى تدخل في حالة 'لاصوت' وتحسن استخدام كاتم الصوت السياسي وفي توقيت معين لخدمة اهداف واقعية معينة، وأما حينما تستخدم كاتم الصوت هذا وتصمت فاعلم ان الامر جلل، وهو تماما ما حدث بعد مؤتمر نصر الله، اذ اننا شهدنا استخداما لكاتم الصوت السياسي على كل المحاور ومن كل الاتجاهات، وهو ما يقلقني حقا ويدفعني الى الاعتقاد ان المشهد الشرق اوسطي بات يغلي على نار ليست هادئة، ما لم تتم الصفقة الشرق اوسطية القادمة!
المفهوم الثالث: حينما نرى او نسمع او نشاهد نصر الله، فنحن لا نشاهد شخصا يقف امامنا بأي ايحائية يريدها هو، انما نحن نشاهد مؤسسات ودوائر ابحاث ودراسات ودوائر مخابراتية ثلاثا، ونشاهد نظاما سياسيا نشطا فعالا، قائما على استخدام منهاج سياسي مقاوم ونظام مقاومة مسيس له وجهة نظره وايديولوجيته واجندته وادواته ورجاله واسلحته وبنيته التحتية الطويلة العريضة كما هو الحال تماما لدى إسرائيل والولايات المتحدة، نصيب اللبنانين حينما خرج نصر الله للناس في مؤتمره الاخير لا يتعدى 10 في المائة من هذا الخروج أما النسبة الباقية فهي لأبعد مما تظن ويظن الناس.
المفهوم الرابع: المنطقة الشرق اوسطية هذه الايام تغلي بشكل غير مسبوق وميزة الغليان الحالي انه يغلي على مراجل نووية، وحروب وجود وعدم وجود، وتحالفات اعداء مع اعداء، وصراع موالاة مع موالاة، المنطقة غير ما كانـــت عليه قبل عشر سنوات خلت، فالمنطقة حبلى بتغيرات ثورانية والنصر فيها على ما ارى ليس لاية جهة موجودة الان، بل هي تتجه الى حالة من الابتلاع الكامل لكل ما هو موجود بهدف اخراج ما ليس موجودا ولا يحس به احد.
المفهوم الخامس: لا عدو في السياسة كما لا صديق ولا موالي ولا معادي في عالم السياسة، الحجر ينطق والحديد ينطق واللسان يصمت ولا يجيل بصرا ولا نظرا ولا معنى، فمن البساطة ان نصحو على نصر الله وقد مدح تصرفا امريكيا ـ عما قريب كما ارى ـ ومن المتوقع ان نشهد مؤتمرا قبل صيف العام القادم يجلس فيه النادي النووي يرحب بضيف جديد وفق معادلة متفق عليها، ومن المتوقع جدا ان نشهد قبل ذلك بقليل كماشة امريكية ايرانية على الوطن العربي ويعود شاه ايران بلحية وعمامة وجبة جديدة، كل ذلك ممكن في عالم السياسة واذا شككت في اي من ذلك فانظر الى الحب الامريكي الياباني الحالي وقل سبحان الله.
المفهوم السادس والاخير: الحريري قتل باتفاق امريكي عربي بتنفيذ مشترك اسرائيلي لبناني شارك فيه بالمعرفة والصمت جميع اطياف العمل السياسي اللبناني، فالجميع شارك وحين تم الامر بدأ الجميع يهدد الجميع بكشف امره وذلك للدخول في مرحلة ضرورية للتشويه الاعلامي والسياسي ـ الذي سيزول عما قريب ايضا ـ بهدف ازاغة الانظار عما يحدث في واضحة النهار من احكام للكماشة القادمة.
حرب الاستخبارات
بعد اعتبار هذه المفاهيم التي اوردتها هنا فإن جواب السؤال القائل: لماذا تأخر حسن نصر الله في كشف هذه القرائن بات يظهر شيئا فشيئا والسبب الحقيقي أن نصر الله لم يكشف هذه الاشرطة والصور بغية تبيان تورط اسرائيل وهي حقا متورطة في مقتل الحريري، بل كشف ذلك لايصال رسالة استخباراتية من جانب ايران متفق ومخطط لها بدقة للجانب الامريكي الذي يستعمل نفس الادوات في الخليج العربي عليها، وهو ذات ما تستخدمه إسرائيل نفسها، وهذه الرسالة تقول'نحن استطعنا ان نصل الى ادواتكم الالكترونية التجسسية ونحن لدينا الكثير من اشرطة التجسس التي قمتم بها على العالم العربي وقادته وكذلك نمتلك اشرطة لما رصدتم من مواقعنا الحساسة، لهذا انتبهوا نحن في صورة الحدث، نحن 'صاحيين' ولدينا كثير مخفي، الذي من الممكن استخدامه في وقته'.
اذن الخطوة كانت خطوة استخباراتية بحتة عرابها نصر الله هذه المرة، وليس لها علاقة بمقتل الحريري واما مقتل الحريري فمن المستحيل ان يكشف من قتله في يوم من الايام بسبب الاتفاق على ذلك من الجميع ورضى الجميع وهو أمر منته لن يعود معه الشركاء لفضحه من جديد، وأما ما قاله نصر الله حول قرائن مقتل الحريري فهذه من قبيل ضرب العصفورين بحجر واحد واختيار الزمان والمكان المناسبين لعرض ما يريد. وتدفعني الاسباب التالية الى الاعتقاد بهذا:
السبب الاول: سبق واتهم اكثر من شخص من حزب الله بالتورط في مقتل الحريري وكان رد نصر الله، كلاما انشائيا وعاطفيا لا قيمة قانونية له.
السبب الثاني: قرار الاتهام الظني لا يعني بأي شكل من الاشكال القانونية اتهاما قانونيا ولن يقود الى حبس متهمين ولا يعدو عن كونه استقدام متهم بالظن لاستجوابه فقط.
السبب الثالث: حتى على افتراض اتهام حقيقي لاحد قادة حزب الله فان المسألة لا ترقى الى كشف اسرار عمليات مقاومة بهذه الحساسية لا سيما وان حزب الله كمؤسسة بهذه الضخامة قادرة على تزويد المحكمة بالف حجة غياب على ان المدعو فلان كان في جزر فيجي في اجازة، او في مستشفى كذا لتلقي العلاج وكشف دوري للصحة.
السبب الرابع: الموقف والعقيدة الراسخة لحزب الله انه لو اجتمع جميع اهل لبنان على حزب الله فانه يرى انه قادر عليهم، وان اصبح دولة قائمة كاملة وصلت لدرجة رفض اخضاع اتصالاتها لاشراف الدولة وكشف السبب وراء ذلك من تورط العشرات بالتجسس لصالح اسرائيل والسؤال يقول ترى لماذا هذا الكشف السريع والمتعدد والفوري لهؤلاء العملاء بالجملة حال طلب الدولة اللبنانية لاخضاع اتصالات حزب الله لاشراف الدولة؟ ولماذا لم يقم حزب الله بتحريك اصدقائه في الجيش واستخبارات الجيش قبل ذلك؟
اذن نجح نصر الله كعراب استخباراتي فعلا في ايصال رسالة استخباراتية مهمة للجانب الاسرائيلي ـ الامريكي مفادها، 'طولوا بالكم' واياكم ان تقوموا بضرب ايران الان لأن ضرب ايران الان سيؤدي مما يؤديه الى عشرات النتائج الوخيمة على الجانب الاسرائيلي الامريكي ليس اقلها كشف العشرات من الاشرطة لما تقوم به امريكا من تجسس على حلفائها 'الحبايب'، وإيران تريد ثمنا مقنعا لضرب المفاعل النووي ومفاعل نووي محدد بالذات منتقى بعناية!
هنالك رائحة صفقة امريكية ـ ايرانية قريبة، بعد الهدية العراقية لايران بعد الانسحاب الامريكي الهادئ، واعتقد ان مؤتمر نصر الله قام بفتح اجندة هذه الصفقة واسس لها، واشتم دور غير عربي لتمتين 'مسمار' الكماشة الايرانية الامريكية، حتى لو كان الثمن مفاعلا نوويا ايرانيا كلف جبلا من الدولارات.
ايران تريد ثمن الضربة على ما يبدو، وها هي تلوح من خلال نصر الله عما تريده وتنتظر بنفس الطريقة الامريكية الكلاسيكية للقضاء الامريكي العرض الامريكي القادم، اليس من السذاجة ان يمر بالخاطر ان تلغي امريكا عصاها في المنطقة والتخويف بــ'الغول' القادم من الشرق بقتله؟ من سيصدق هذا في هذا الوقت؟