الرئيسية
.
.
.
ما هي حكاية جرثومة المعدة ؟
هناك نوع من البكتيريا تصيب معدتنا تسمى بـ "البكتيريا الحلزونية" أو
الـ "هليكوباكتر" .. يعتقد أن هذه البكتيريا موجودة فيما يقرب
من نصف سكان العالم ، وفي ثمانية من كل عشرة من سكان
الشرق الأوسط (ونحن منهم)!
في غالبية الناس (85-90%) ، لا تـُسبب الإصابة بهذه البكتيريا أي علامات
أو أعراض مَرَضية ولا تؤدي إلى أي مضاعفات .. ولكن بالنسبة للآخرين ، فالإصابة
بها يمكن أن تؤدي إلى إلتهابات بالمعدة وعسر هضم وربما قرحة
أوسرطان المعدة ..
ولكن لحسن الحظ يحدث ذلك في نسبة قليلة فقط
من الناس (أقل من 15% بالنسبة للقرحة ، وحوالي 1% بالنسبة للسرطان).
ومن المعروف أن تجويف المعدة يستحم كل يوم في حوالي 2 لتر من عصارة
المعدة التي تتألف من إنزيمات هاضمة وحامض هيدروكلوريك.
جميع أنواع البكتيريا والفيروسات تـُهلك في هذا الحمام من المواد
الكيميائية القاتلة ، إلا بكتيريا الـ هليكوباكتر فلها طريقة فريدة
للتكيف مع هذه البيئة القاسية داخل المعدة ..
وبذلك غيرت هذه الجرثومة مفهومنا القديم وقناعتنا بأن
المعدة وسط معقم لاتستطيع الميكروبات أن تعيش فيه ، وبذلك
أيضا إستحقا عن جدارة البروفيسور مارشال
والبرفيسور وارين (أستراليان الجنسية) أن ينالا جائزة نوبل في الطب
(مناصفة) لعام 2005 بسبب إكتشافهما لهذه الجرثومة ومدى الدور الأساسي
الذي تلعبه في الإصابة بقرحة المعدة وقرحة الإثنى عشر وسرطان المعدة ..
من الجدير بالذكر أن مارشال و وارين إكتشفا هذه الجرثومة مبكرا عام 1982.
كيف تحدث الإصابة بجرثومة المعدة الحلزونية ؟
يـُعتقد أن الطريقة الأساسية للإصابة بجرثومة المعدة الحلزونية هي
تناول طعام أو شراب ملوث ، وهي لا تنتقل مباشرة من شخص لآخر أي أن الشخص
المصاب لا يعدي الآخرين ..
ومن الغريب أن الإصابة تحدث عادة في سن الطفولة ثم تستمر
مدى الحياة ، ما لم تعالج .. لم تعرف حالات إصابة للمرة الأولى لدى الكبار!
كيف يمكن تشخيص جرثومة المعدة الحلزونية ؟
هناك ثلاث طرق رئيسية لتشخيص جرثومة المعدة الحلزونية :
1- فحص الدم : ويتم فيه البحث عن الأجسام المضادة (الأجسام المناعية)
التي يكونها الجسم ضد الجرثومة.
2- فحص البراز : ويتم فيه البحث عن مولد الأجسام المضادة (الأنتي جين) الخاص بالجرثومة.
3- فحص النفس : ويتم فيه البحث عن غاز ثاني اكسيد الكربون في
نـَفـَس (زفير) المريض ، بعد تناوله لمادة اليوريا
(في صورة كبسولة يبتلعها أو عصير يشربه).
هذا ويعتبر فحص النفس أدق هذه الفحوص الثلاثة ، وهو متوفر
حاليا في كل المختبرات تقريبا .. كما يمكن أيضا تشخيص جرثومة
المعدة عن طريق إجراء منظار للمعدة ، ثم أخذ عينة وفحصها.
هل يوجد علاج فعال لجرثومة المعدة الحلزونية ؟
نعم ولله الحمد .. يوجد ما يسمى بـ "العلاج الثلاثي لجرثومة المعدة"
ويؤخذ مرتين يوميا لمدة 7-10 أيام ، وهو عبارة عن نوعين من المضادات
الحيوية ونوع من الأدوية المثبطة لإفراز حامض المعدة ..
تبلغ فاعلية هذا العلاج في القضاء على
الجرثومة 90% ، وهي نسبة تعتبر جيدة جداً.
وماذا عن نسبة الـ 10% الذين أخذوا العلاج ولم
يتم القضاء على الجرثومة بعد؟
في هذه الحالة نعطي لهم ما يسمى
بـ "العلاج الرباعي لجرثومة المعدة" لمدة أسبوع واحد ..
تبلغ أيضا فاعلية هذا العلاج في القضاء على الجرثومة 90%.
مرة أخرى ، وماذا عن نسبة الـ 10% الذين أخذوا العلاج
الرباعي ولم يتم القضاء على الجرثومة بعد؟
في هذه الحالة لا توجد أي توصيات بإستخدام أدوية أخرى ، وما علينا
إلا تطمين المريض وتذكيره بأنه في الغالبية العظمى من المصابين
بالجرثومة (85-90%) لا تـُسبب الإصابة لهم أي علامات
أو أعراض مَرَضية ولا تؤدي إلى أي مضاعفات .. وعلينا أن ننتظر
الإعلان عن أي أدوية أخرى أكثر فاعلية من المتاحة حاليا.
كيف نتأكد من القضاء على الجرثومة ؟
إن تحسن الأعراض التي يشكو منها المريض يرجح
إحتمالية القضاء على الجرثومة ، ولكن القرار النهائي يظل
بعد إعادة فحص النفس (وليس فحص الدم) والإطلاع على نتيجته ..
هذا ويجب أن ننتظر شهرا كاملا على الأقل من نهاية
العلاج قبل أن نكرر فحص النفس مرة أخرى ، وذلك حتي تكون النتيجة
موثوق بها حيث أن الجسم في هذه الفترة يكون مازال تحت تأثير العلاج.
