ممآآآستوقفني =)
{ مدخل
تخيلوا لو أن عاقلاً قام بسكب القهوة الساخنة على نفسه . سيُوبَّخ بشدة كونه يعقل ما يفعل حتى لو كان على علم بعواقب ما يفعل.
أما إذا قام المجنون بنفس الفعل فإننا لا نلومه أبداً لأنه من الطبيعي أن يقوم بشيء كهذا، بل من غير الطبيعي أن يتصرف المجنون بعقلانية !
حتى أننا نعتقد أنه أشد جنوناً من غيره إذا تصرف تصرفاً عاقلاً! لأننا نتوقع أنه سيفسد الأمر أو ينكر حدوثه في أي وقت.
مثلاً: إذا تحدثنا مع مجنون نعرفه مسبقاً و تحدثنا معه مرات عدة، ثم في هذه المرة كان يتكلم بطريقة مثيرة للاهتمام أكثر. يبدو واعياً لما يحدث و هو يسرد أحداث حصلت فعلاً.
على عكس المرات السابقة التي كان يأخذنا فيها إلى عالمه ، و نعتقد وقتها بثبوت جنونيته. إلا أنه هذه المرة يبدو أقرب للعقلانية، قد نفرح لأننا نعتقد أنه قواه العقلية بدأت تتحسن و تعي و تستوعب ،
كونه يحكي و يتحدث كالعقلاء إلا أنه في الواقع كان يتقمص شخصية رآها أو تحدث إليها، و في المرة القادمة تظهر عليه علامات التعجب عندما نسأله فيها عما قاله في المرة السابقة، و نضحك على أنفسنا: كيف نصدق مجنوناً و نعتقد أنه بدأ يعود إليه عقله؟!
ثم لاحظوا أن العاقل أصبح يُنعت بالجنون إذا قام بفعل شيء يصادم ما اعتاد العقل على استيعابه، حتى لو كان عاقلاً و نحن نعلم أنه عاقل !
ربما من باب التقليل من شأنه لأننا نعتقد أنه لا يجب أن يقوم بتلك الأفعال أو ربما لأننا نجد كلمة " مجنون " مترجماً مناسباً لمشاعر التعجب التي تنتابنا عند رؤيتنا لأشياء مختلفة عن تلك التي اعتدنا رؤيتها أو سماعها.
إننا حكمنا على عاقل فعل شيئاً مغايراً بالجنون لمجرد أننا عجزنا عن احتواء ما يقصده من وراء ذلك التصرف ...
نعرف – علمياً - أن الجنون هو غياب العقل، لكن ماذا لو اختار العاقل أن يذهب إلى ما لا يستوعبه العقل أحياناً، هل يصبح مجنوناً؟
** من الممتع أن أستلقي على العشب بحديقة منزلنا و أبدأ بتأمل السماء. ثم تلفت انتباهي فراشة جميلة جداً, و أفكر:
أي العالمين هو الواقع؟
أهو واقع أننا نحن الكائنات الطبيعية و الفراشات هي تلك المخلوقات الصغيرة جداً و التي نعتبرها و بقية الحشرات مخلوقات دخيلة و مزعجة،
أم أنه واقع أن الفراشات هي الكائنات الطبيعية و نحن المخلوقات العملاقة المخيفة التي تقتل الحشرات بلا رحمة و أننا نحن الدخلاء على عالمهم ؟
" ادخلوا منازلكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده" – سورة النمل.
تبدو الآية أقرب عقلاً للاحتمال الثاني !
ثم؟
قصة النمرود يوم دخلت أذنه البعوضة .
بعوضة !! جعلت النمرود يضرب رأسه بالجدران ليتخلص من طنينها المزعج حتى مات.
أصبحت البعوضة الآن هي المخلوق الصغير الدخيل و المزعج.
يبدو أن كلانا متطفل على عالم الآخر !!
** في إحدى الحدائق، لفتت انتباهي شجرة كبيرة جداً، جميلة ذات أوراق خضراء داكنة، التفت إلى أختي و علقت: " الحمد لله أنني من البشر ! "
ضحكت على ردة فعلها عندما سمعتني ثم وضحت : أقصد، تخيلي لو أنني شجرة، أبدو جميلة و الجميع ينظر إلي في تأمل لكنني أعتقد أنه من الممل جداً أن أقضي عمري كله واقفة في نفس المكان !
و المصيبة أن عمري سيكون أطول بكثير من أعمار البشر، قد يصل إلى مئات أو ربما آلاف السنين !!!
** من الطبيعي جداً أن تجدونني على الأرض ثم أضحك فجأة بصوت عالٍ لمجرد أنني تذكرت موقف ما !
قد تعتبرون أن ما قلته سابقاً طبيعي لأنني عاقلة، لكن ماذا لو أن مجنون يتقلب على الأرض و بدأ يقهقه فجأة، أو أنه يحكي لكم قصة الفراشة أو الشجرة، كيف تنظرون إليه وقتها؟
فلاش:
- لما بدأ الرسول صلى الله عليه و سلم بالدعوة، رفضت قريش الاستماع إليه، حتى أنهم كانوا يضعون أصابعهم في آذانهم و يغطون وجوههم بثيابهم إذا رأوه قادماً،
بغض النظر عن مضمون الفكرة التي يدعو إليها، اعتقد قومه بسببها أنه مجنون لمجرد أنها تخالف ما اعتادت عليه عقولهم.
-أيضاً، عندما أعلن اينشتاين نظرية الجاذبية و النسبية نعتوه بالجنون و اتهموه بالهرطقة، و طالبوا بمحاكمته. رفضوا قبول فكرة جديدة و دراسة ابعادها،
ثم اعترفوا بصحتها أخيراً بعد وفاته.و اليوم نرى نظرياته و قد أصبحت مرجعاً ثابتاً لا يمكن أن يُشَكك فيه.
{ مخرج
عجزنا عن استيعاب الأفكار الجديدة لا يعني أن أصحابها مجانين ..
أسماء البشري
{ مدخل
تخيلوا لو أن عاقلاً قام بسكب القهوة الساخنة على نفسه . سيُوبَّخ بشدة كونه يعقل ما يفعل حتى لو كان على علم بعواقب ما يفعل.
أما إذا قام المجنون بنفس الفعل فإننا لا نلومه أبداً لأنه من الطبيعي أن يقوم بشيء كهذا، بل من غير الطبيعي أن يتصرف المجنون بعقلانية !
حتى أننا نعتقد أنه أشد جنوناً من غيره إذا تصرف تصرفاً عاقلاً! لأننا نتوقع أنه سيفسد الأمر أو ينكر حدوثه في أي وقت.
مثلاً: إذا تحدثنا مع مجنون نعرفه مسبقاً و تحدثنا معه مرات عدة، ثم في هذه المرة كان يتكلم بطريقة مثيرة للاهتمام أكثر. يبدو واعياً لما يحدث و هو يسرد أحداث حصلت فعلاً.
على عكس المرات السابقة التي كان يأخذنا فيها إلى عالمه ، و نعتقد وقتها بثبوت جنونيته. إلا أنه هذه المرة يبدو أقرب للعقلانية، قد نفرح لأننا نعتقد أنه قواه العقلية بدأت تتحسن و تعي و تستوعب ،
كونه يحكي و يتحدث كالعقلاء إلا أنه في الواقع كان يتقمص شخصية رآها أو تحدث إليها، و في المرة القادمة تظهر عليه علامات التعجب عندما نسأله فيها عما قاله في المرة السابقة، و نضحك على أنفسنا: كيف نصدق مجنوناً و نعتقد أنه بدأ يعود إليه عقله؟!
ثم لاحظوا أن العاقل أصبح يُنعت بالجنون إذا قام بفعل شيء يصادم ما اعتاد العقل على استيعابه، حتى لو كان عاقلاً و نحن نعلم أنه عاقل !
ربما من باب التقليل من شأنه لأننا نعتقد أنه لا يجب أن يقوم بتلك الأفعال أو ربما لأننا نجد كلمة " مجنون " مترجماً مناسباً لمشاعر التعجب التي تنتابنا عند رؤيتنا لأشياء مختلفة عن تلك التي اعتدنا رؤيتها أو سماعها.
إننا حكمنا على عاقل فعل شيئاً مغايراً بالجنون لمجرد أننا عجزنا عن احتواء ما يقصده من وراء ذلك التصرف ...
نعرف – علمياً - أن الجنون هو غياب العقل، لكن ماذا لو اختار العاقل أن يذهب إلى ما لا يستوعبه العقل أحياناً، هل يصبح مجنوناً؟
** من الممتع أن أستلقي على العشب بحديقة منزلنا و أبدأ بتأمل السماء. ثم تلفت انتباهي فراشة جميلة جداً, و أفكر:
أي العالمين هو الواقع؟
أهو واقع أننا نحن الكائنات الطبيعية و الفراشات هي تلك المخلوقات الصغيرة جداً و التي نعتبرها و بقية الحشرات مخلوقات دخيلة و مزعجة،
أم أنه واقع أن الفراشات هي الكائنات الطبيعية و نحن المخلوقات العملاقة المخيفة التي تقتل الحشرات بلا رحمة و أننا نحن الدخلاء على عالمهم ؟
" ادخلوا منازلكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده" – سورة النمل.
تبدو الآية أقرب عقلاً للاحتمال الثاني !
ثم؟
قصة النمرود يوم دخلت أذنه البعوضة .
بعوضة !! جعلت النمرود يضرب رأسه بالجدران ليتخلص من طنينها المزعج حتى مات.
أصبحت البعوضة الآن هي المخلوق الصغير الدخيل و المزعج.
يبدو أن كلانا متطفل على عالم الآخر !!
** في إحدى الحدائق، لفتت انتباهي شجرة كبيرة جداً، جميلة ذات أوراق خضراء داكنة، التفت إلى أختي و علقت: " الحمد لله أنني من البشر ! "
ضحكت على ردة فعلها عندما سمعتني ثم وضحت : أقصد، تخيلي لو أنني شجرة، أبدو جميلة و الجميع ينظر إلي في تأمل لكنني أعتقد أنه من الممل جداً أن أقضي عمري كله واقفة في نفس المكان !
و المصيبة أن عمري سيكون أطول بكثير من أعمار البشر، قد يصل إلى مئات أو ربما آلاف السنين !!!
** من الطبيعي جداً أن تجدونني على الأرض ثم أضحك فجأة بصوت عالٍ لمجرد أنني تذكرت موقف ما !
قد تعتبرون أن ما قلته سابقاً طبيعي لأنني عاقلة، لكن ماذا لو أن مجنون يتقلب على الأرض و بدأ يقهقه فجأة، أو أنه يحكي لكم قصة الفراشة أو الشجرة، كيف تنظرون إليه وقتها؟
فلاش:
- لما بدأ الرسول صلى الله عليه و سلم بالدعوة، رفضت قريش الاستماع إليه، حتى أنهم كانوا يضعون أصابعهم في آذانهم و يغطون وجوههم بثيابهم إذا رأوه قادماً،
بغض النظر عن مضمون الفكرة التي يدعو إليها، اعتقد قومه بسببها أنه مجنون لمجرد أنها تخالف ما اعتادت عليه عقولهم.
-أيضاً، عندما أعلن اينشتاين نظرية الجاذبية و النسبية نعتوه بالجنون و اتهموه بالهرطقة، و طالبوا بمحاكمته. رفضوا قبول فكرة جديدة و دراسة ابعادها،
ثم اعترفوا بصحتها أخيراً بعد وفاته.و اليوم نرى نظرياته و قد أصبحت مرجعاً ثابتاً لا يمكن أن يُشَكك فيه.
{ مخرج
عجزنا عن استيعاب الأفكار الجديدة لا يعني أن أصحابها مجانين ..
أسماء البشري