لليلة الزفاف نكهة خاصة عند جميع البشر، ولكن تختلف عادات ومظاهر الاحتفال بهذه الليلة من
مكان لآخر ومن منطقة لأخرى، ولأهل مكة المكرمة قديما عادات تخصهم، ومظاهر فرح
يتميزون بها تبدأ من الصباح إلى ساعات الفجر الأولى من اليوم التالي، وفي بعض الاحيان
تستمر الاحتفالات أياما طويلة، ولكن تلك العادات بدأت تتلاشى شيئا فشيئا مع التطور والمدنية
ونزوع الكثير من الناس إلى المظاهر العصرية في الاحتفال.
العم عبدالله يقول: في تلك الليلة الجميلة وهي ليلة العمر كانت لنا مظاهر خاصة كمكيين. ففي
البداية يقوم أهل الفرح باستعارة منازل جيرانهم خاصة الكبيرة منها، حيث لم يكن في زماننا الذي
مضى قصور أفراح، لذا كانت استعارة البيوت قبل ذلك أمراً لابد منه، حيث ترصّ وتصطف في
الحوش والشارع أمامه كراسي الخشب المطعمة بالخوص السميك، وكان يضيف الموسرون
عليها اللحف والمساند والمخدات المطرّزة، إلى جانب الجلايل أو الحنابل الهندي أو المقصصة
(المربعة الزاهية الألوان).
وأضاف العم عبدالله وكان أبناء الحارة هم الذين يتولون إعداد القهوة والشاي والنعناع كما
يوجب “الرفد” وهي هدايا أو معونة تقدم لأهل العروسين عبارة عن أغنام وأرز وسكر وشاي
وسمن إلى آخر ما يساعد أهل الفرح.
ويبين العم محمد أن الطباخ كان يحضر الى مكان الحفل لطبخ السليق الفاخر بالسمن البري،
وبعد ذلك تبدأ الأهازيج والالعاب الشعبية، فهناك الحدايا ولعبة المزمار والبعض الآخر يلعب
المحاورة الشعرية، مشيرا الى ان مراسم الفرح تبدأ من الخطوبة الى الملكة الى الغمرة حتى
تصل الى ليلة الفرح.
ويقول العم حسن إن في مكان تجمّع النساء تنصب الخيمة داخل صالون من التيازير الملونة
الزاهية والمغطاة بعضها بالسجاجيد المخملية. كما يتحول بيت العروس في ليلة الزفاف الى خلية
نحل. كل شيء يدور فيه له مذاق وجمال، وكان العرسان في الماضي يرتدون الثياب وعليها
الصديري والجبة ويضعون على الرأس العمامة المطرزة بالقصب الأصلي، مضيفا أن من العادات
المتبعة في ليلة الزفاف أن يذهب العريس مع أصدقائه قبل ذهابه الى بيت العروس الى المسجد
الحرام للطواف ثم صلاة ركعتين ومن ثم يقوم بالدعاء بأن يكون زفافه موفقاً وحياته الزوجية
سعيدة.
وأضاف العم حسن: لكن الان اختفت هذه العادات وأصبحت في قصور الافراح وإقامة البوفيهات
المفتوحة على مد النظر.